مقـالات الـرأي..
مصر بين العزف على "مدنية" الدولة والرقص على إيقاع "الإسلاميين"
| فابيولا بدوي |
أتصور أن الإشكاليات الخاصة بكتابة أي دستور في أي بلد
من بلدان العالم، هي دائما محل جدال، وإلا لنالت الدساتير الخاصة بالدول الديمقراطية
الكبرى نسبة 100% من أصوات من يقومون بالاستفتاء عليه، وهذا مستحيل وغير وارد أيضا.
غير أننا في مصر، ولا أدري ما هي الإشكاليات المطروحة في تونس، نتجادل علي كل مواد الدستور تقريبا حتى بتنا لا نعرف أي دستور نريد. فبعيدا عن الخلافات المطروحة حول بعض المواد المتعلقة بالقضاء أو نسبة تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان أو ما يخص الكيفية التي سيتم بها الانتخابات البرلمانية (علي الرغم من أنه لا يجب أن ينص الدستور عليها، بل من المفترض أن تترك مثل هذه التفاصيل لما تفرضه مقتضيات المرحلة في كل انتخابات) أو كتوتة المرأة والأقباط، إلي أخر الإشكاليات التي لا نهاية لها..
غير أننا في مصر، ولا أدري ما هي الإشكاليات المطروحة في تونس، نتجادل علي كل مواد الدستور تقريبا حتى بتنا لا نعرف أي دستور نريد. فبعيدا عن الخلافات المطروحة حول بعض المواد المتعلقة بالقضاء أو نسبة تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان أو ما يخص الكيفية التي سيتم بها الانتخابات البرلمانية (علي الرغم من أنه لا يجب أن ينص الدستور عليها، بل من المفترض أن تترك مثل هذه التفاصيل لما تفرضه مقتضيات المرحلة في كل انتخابات) أو كتوتة المرأة والأقباط، إلي أخر الإشكاليات التي لا نهاية لها..
تبقى المادة الثانية من الدستور هي الفائزة
بالنصيب الأكبر من اختلاف وجهات النظر حولها، لأنها تؤسس بالفعل لغالبية ممارسات الدولة،
وهي المادة التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في التشريع.
وإنصافا للحق هذه المادة علي وجه التحديد
ليس محل خلاف الآن فقط، فان لها مسارا تاريخيا خاصا بها، حيث كانت في عهد الرئيس الراحل
عبد الناصر (الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي في التشريع)، وكان بحسب ما نعرف الجميع راض
والحياة تسير بشكل طبيعي، أنها كانت بهذه الصياغة هي الأقرب إلي العصر والمنطق وطبيعة
الحياة. ثم جاء الرئيس السادات رحمه الله ليضيف فقط ألف ولام علي كلمتي مصدر ورئيسي،
وقد فعلها تقربا ورغبة حقيقة في التحالف مع قوى تيار الإسلام السياسي للتخلص من الناصريين
والشيوعيين. وعلي الرغم من هذه الإضافة إلا أن القوانين ظلت كما هي وبقيت الشريعة الإسلامية
هي مصدر رئيسي من مصادر التشريع حتى بعد التغيير الذي حدث في النص الدستوري.
الآن هناك من يريد العودة بهذه المادة
إلي ما قبل إضافة الألف واللام، وهناك من يريد التأكيد عليها بل وأن تتغير القوانين
طبقا لها وأن تلغى كافة القوانين التي تخالف الشريعة الإسلامية بحسب أصحاب هذا الرأي،
وهناك من يرغب في إلغائها ولا يجاهر بهذا.
الخلاصة التي نعرفها جميعا أنه مهما تباينت
الآراء فهذه المادة باقية كما هي والقوانين لن تتغير وفي حال طرأ عليها أي تغيير فسوف
يكون بما يتناسب العصر الذي نعيش فيه والمواثيق الدولية التي وقعت مصر عليها.. هكذا
سوف تستدعى هذه المادة وقت الحاجة كلما أراد فريق بعينه التشكيك في مدينة الدولة أو
أراد فريق أخر التشكيك في مدى إلزام الدولة بالشريعة الإسلامية.
ولكن سيبقى دائما هناك فريق ثالث لا ولن
يعرف إلي أي دولة علي وجه التحديد ينتمي، هل لمصر العلمانية التي ترعى حقوق الإنسان
والمواطنة وتمنح من خلال دستورها حرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير وحرية البحث العلمي
والإبداع الأدبي والفني بجميع أشكاله. أم إلي دولة مطاطة الهوية تتشكل بحسب الظروف
والاحتياجات والواقع المتغير من حين لآخر؟ الفريق ذاته لا يعرف أيضا أي القوانين يجب
أن تتغير حتى تتلاءم وهذه المادة، هل ستقطع يد السارق ويرجم الزاني وينفذ حكم الإعدام
بالسيف؟ أم أن المؤيدين والمصارعين من أجل التأكيد علي وجودها، سوف يتغاضون عن كل هذا
وغيره، ويطالبون بتغيير قوانين بعينها تتوافق ومصالحهم وأهوائهم هم فقط؟
الكنيسة تعترض وبشدة علي حذف كلمة
"مدنية" فيما يخص التعريف بهوية الدولة المصرية، ونحن بطبيعة الحال نؤيد
هذا المطلب... ولكننا في الوقت ذاته لا نعرف كيف ستكون مصر، علي وجه التحديد؟ هل مدنية
والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في تشريعاتها؟ أم مدنية غالبية شعبها من المسلمين؟
أم إسلامية تتغزل في مبادئ الدولة المدنية؟
ألا يجوز حسم الأمر وهذا لا يعدو أن يكون
مجرد اقتراح أن تعود المادة إلي سابق ما كانت عليه قبل إضافة الألف واللام، أم أننا
مصرون علي الرقص علي الحبال حتى أخر رمق فينا؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق